بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا
وجبت له الجنة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
احذروا من الإحتفال بليلة 27 من رجب
و التي تسمى بليلة الإسراء و المعراج...!
* الاختلاف الشديد
في تعيين ليلة الإسراء والمعراج :
يكاد الباحث المنصف يعجز عن الوقوف على تاريخ واحد صحيح تطمئن إليه النفس ويقرّ به الفؤاد لميقات ليلة الإسراء والمعراج ، وذلك لسبب بسيط هو كون هذه الليلة ليست معلومة على الوجه القطعي الجازم، ولا يوجد اتفاق معتبر على تاريخها بين جماهير أهل العلم من المؤرخين وغيرهم، فقد اختلفوا في السنة والشهر فضلاً عن الإختلاف الشديد في اليوم ، فالجزم بأنها ليلة السابع والعشرين من شهر رجب مما لا أصل له من الناحية التاريخية ، كيف وقد أنكر هذا التاريخ كبار الحفاظ والمؤرخين من أهل العلم :
1. قال الحافظ ابن دحية الكلبي رحمه الله تعالى :
(وذكر بعض القُصّاص أن الإسراء كان في رجب ، وذلك عند أهل التعديل والجرح عينُ الكذب ،قال الإمام أبو إسحاق الحربي : أسري برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليلة سبع وعشرين
من شهر ربيع الأول وقد ذكرنا ما فيه من الإختلاف والإحتجاج في كتابنا المسمى بالإبتهاج في أحاديث المعراج) ا.هـ
"أداء ما وجب من بيان وضع الوضاعين
في رجب" ص 53-54
2. نقل الحافظ أبو شامة رحمه الله تعالى كلام الحافظ ابن دحية
في كتابه " الباعث على إنكار البدع والحوادث" ص 116-117
نقل إقرار من غير إنكار .
3. وقال العلامة علي بن إبراهيم بن داود بن العطّار الشافعي
رحمه الله تعالى :
(ورجب ليس فيه شيء من ذلك-أي الفضائل-سوى ما يشارك
غيره من الشهور ، وكونه من الحُرُم ، وقد ذكر بعضهم أن
المعراج والإسراء كان فيه ولـم يثبـت ذلك والله أعلم)ا.هـ
"حكم صوم رجب وشعبان" ص 34 .
4. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقله عنه تلميذه النجيب
ابن القيم الجوزية رحمهما الله تعالى في كتابه زاد المعاد (1/57) :
(ولم يقم دليلٌ معلوم لا على شهرها ولا على عشرها ولا على عينها ، بل النقول في ذلك منقطعة مختلفة ليس فيها ما يقطع به ولا شرع للمسلمين تخصيص الليلة التي يظن أنها ليلة الإسراء بقيام ولا
غيره بخلاف ليلة القدر.. ) ا.هـ
5. نقل الحافظ ابن القيم الجوزية رحمه الله تعالى كلام شيخه
ابن تيمية نقل إقرار من غير إنكار .
6. وقال الحافظ المؤرخ ابن كثير الدمشقي رحمه الله تعالى
في كتابه البدابة والنهاية ( 3/136-137) وهو يحكي الخلاف
في التاريخ :
(وقد أورد-أي عبدالغني المقدسي- حديثاً لا يـصـحّ سـنـــده
ذكرناه في فضائل شهر رجب أن الإسراء كان ليلة السابع
والعشرين من رجب والله أعلم
ومن الناس من يزعم أن الإسراء كان أول ليلة جمعة من
شهر رجب, وهي ليلة الرغائب التي أُحدثت فيها الصلاة
المشهورة,
ولا أصل لذلك والله أعلم) ا.هـ
7. وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى :
(وقد رُوي أنه كان في شهر رجب حوادث عظيمة ولـم يصحّ
شيء من ذلك ، فرُوي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ولد
في أول ليلة منه وأنه بعث في السابع والعشرين منه وقيل في
الخامس والعشرين ولا يصحّ شيء من ذلك ، وروي بإسناد
لا يصح عن القاسم بن محمد أن الإسراء بالنبي صلى الله
عليه وسلم كان في سابع وعشرين من رجب وأنكر ذلك إبراهيم
الحربي وغيره ، ورُوي عن قيس بن عباد قال : في اليوم
العاشر من رجب ..) ا.هـ
"لطائف المعارف" ص 177
وقال فيه أيضاً ص 140 :
(وأما الإسراء فقيل كان في رجب و ضعّفه غير واحد ، و قيل :
كان في ربيع الأول و هو قول إبراهيم الحربي و غيره) ا.هـ
8. وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى
في فتح الباري (7/203) :
( وقد اختلف في وقت المعراج فقيل كان قبل المبعث، وهو
شاذ إلا إن حمل على أنه وقع حينئذ في المنام كما تقدم،
وذهب الأكثر إلى أنه كان بعد المبعث.
ثم اختلفوا فقيل قبل الهجرة بسنة قاله ابن سعد وغيره وبه
جزم النووي، وبالغ ابن حزم فنقل الإجماع فيه، وهو مردود
فإن في ذلك اختلافاً كثيراً يزيد على عشرة أقوال منها ما
حكاه ابن الجوزي أنه كان قبلها بثمانية أشهر- فيكون في رجب-،
وقيل بستة أشهر- فيكون في رمضان- وحكي هذا الثاني
أبو الربيع بن سالم ، وحكي ابن حزم مقتضى الذي قبله ،
لأنه قال : كان في رجب سنة اثنتي عشرة من النبوة ، وقيل :
بأحد عشر شهراً، جزم به إبراهيم الحربي حيث قال: كان
في ربيع الآخر قبل الهجرة بسنة ، ورجحة ابن المنير في
شرح السيرة لابن عبد البر وقيل: قبل الهجرة بسنة وشهرين،
حكماه ابن عبد البر .
وقيل : بسنة وثلاثة أشهر حكاه ابن فارس .
وقيل : بسنة وخمسة أشهر قاله السدي ، وأخرجه من طريقة
الطبري والبيهقي، فعلى هذا كان في شوال،أو في رمضان
على إلغاء الكسرين منه ومن ربيع الأول،و به جزم الواقدي،
وعلى ظاهره ينطبق ما ذكره ابن قتيبة.
وحكاه ابن عبد البر أنه كان قبلها بثمانية عشر شهراً .
وعند ابن سعد عن ابن أبي سبرة أنه كان في رمضان ، قبل
الهجرة بثمانية عشر شهراً .
وقيل كان في رجب حكاه ابن عبد البر ، وجزم به
النووي في الروضة . وقيل قبل الهجرة بثلاث سنين حكاه
ابن الأثير .
وحكي عياض وتبعه القرطبي والنووي عن الزهري أنه
كان قبل الهجرة بخمس سنين ،ورجحه عياض ومن تبعه ) ا.هـ
وهذا ما يؤكد كلام ابن تيمية ، وقد نقل الحافظ ابن حجر كلام
ابن دحية السالف الذكر نقل إقرار من غير إنكار في جزئه
"كتاب تبيين العجب فيما ورد في فضل رجب" ص 6 .
9. وقال العلامة الألباني رحمه الله تعالى في تخريجه لكتاب
"أداء ما وجب" ص 53 معلقاً على كلام الحافظ ابن دحية السابق :
(نقل هذا عن المصنفِ الحافظُ ابن حجر في رسالته السابقة
وأقرّه ، بل الواجب تبيين هذا للناس بكل وسيلة ممكنة وفي
كل مناسبة والله المستعان ) ا.هـ
وقال أيضاً ص 54 :
(وقد ذكر الأقوال المشار إليها السيوطي في الآية الكبرى في
شرح قصة الإسراء ص 34 ، والعلامة الآلوسي في تفسيره
روح المعاني (4/469) فبلغت خمسة أقوال ! وليس فيها قول
مسند إلى خبر صحابي يطمئن له البال ، ولذلك تناقض فيها
أقوال العالم الواحد ! فهذا هو النووي رحمه الله تعالى ، له في
ذلك ثلاثة أقوال حكوها عنه ، أحدها مثل قول الحربي الذي
في الكتاب ، وقد جزم به النووي في الفتاوى له ص 15 ! وفي
ذلك ما يُشعر اللبيب أن السلف ما كانوا يحتفلون بهذه الليلة ،
ولا كانوا يتخذونها عيداً ، لا في رجب ولا في غيره ، ولو
أنهم احتفلوا بها ، كما يفعل الخلف اليوم ، لتواتر ذلك عنهم ،
ولتعيّنت الليلة عند الخلف ، ولم يختلفوا هذا الإختلاف
العجيب ! ) ا.هـ
10. وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى :
(وهذه الليلة التي حصل فيها الإسراء والمعراج، لم يأت في
الأحاديث الصحيحة تعيينها لا في رجب ولا غيره ، وكل
ما ورد في تعيينها فهو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه
وسلم عند أهل العلم بالحديث، ولله الحكمة البالغة في إنساء
الناس لها..) ا.هـ
"التحذير من البدع" ص9
11. وقال فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين
رحمه الله تعالى :
(ثم إننا نقول أيضاً إن ليلة المعراج لم يثبت من حيث التاريخ
في أي ليلة هي بل إن أقرب الأقوال في ذلك على ما في هذا
من النظر أنها في ربيع الأول وليست في رجب كما هو مشهور
عند الناس اليوم ، فإذن لم تصح ليلة المعراج التي يزعمها الناس
أنها ليلة المعراج وهي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب لم
تصح تاريخياً كما أنها لم تصح شرعاً والمؤمن ينبغي أن يبني
أموره على الحقائق دون الأوهام ..) ا.هـ
"فتاوى نور على الدرب"
12. وقال الشيخ محمد الشقيري رحمه الله تعالى :
(الإسراء لم يقم دليل على ليلته ولا على شهره) ا.هـ
"السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات" ص143
13. وقال الشيخ القرضاوي :
"ذكر أحد أئمة الحديث وهو أبو الخطاب عمر بن دحية من
أئمة القرن السابع، وله كتاب اسمه "أداء ما وجب في بيان
وضع الوضَّاعين في شهر رجب"، وفي هذا كتب يقول : إن
بعض القُصَّاص ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم أُسري به
في رجب، قال: وهذا هو عين الكذب، أقرّ هذا الكلام خاتمة
الحفاظ الحافظ بن حجر العسقلاني شارح البخاري المعروف ،
وأنا أعرف أن موضوع ليلة السابع والعشرين من رجب لم
يأت فيها حديث صحيح، ولا قول صحيح لأحد الصحابة إنما
هو قول اشتهر، وقال به بعض الأئمة ونُسب إلى الإمام
النووي، اختاره الإمام النووي في فتاواه-لعله يعني الروضة-،
والإمام النووي
رجل كان مقبولاً عند الأمة، فاشتهر قوله هذا،
على حين أن هناك مثلاً الإمام أبا إسحاق الحربي نجده يقول إن
الإسراء والمعراج ليس في ليلة السابع والعشرين من رجب
بل في ليلة السابع والعشرين من ربيع الأول .
و أنا أعلم أنه لم يثبت شيء في هذا، وأن هذا قول اشتهر
وأصبح معروفاً عند المسلمين منذ قرون أنهم يذكرون
الإسراء والمعراج في هذه الليلة .. ".
"من موقع إسلام أون لاين"
* لو كان خيراً لسبقونا إليه :
حتى لو ثبت تعيين ليلة الإسراء والمعراج لما شرع لأحد
تخصيصها بشيء ، لأنه لو كان هناك خير في تخصيصها
بإحتفال لكان أولى الناس بالإحتفال هو نبينا محمد صلى الله
عليه وآله وسلم ، هذا إذا كان التعظيم من أجل
الإسراء والمعراج.
وإن كان من أجل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وإحياء
ذكره كما يفعل في مولده صلى الله عليه وآله وسلم ، فأولى
الناس به أبو بكر رضي الله عنه ثم عمر ثم عثمان ثم علي
رضي الله عنهم ثم من بعدهم من الصحابة على قدر منازلهم
عند الله ثم التابعون ومن بعدهم من أئمة الدين ، ولم يعرف
عن أحد منهم شيء من ذلك فيســعنا ما وسـعهـم .
كيف لا وسلفنا الصالح رضوان الله عليهم هم أحرص
الناس على الخير وأكثرهم تسابقاً فيه بشهادة النصوص
الشرعية والوقائع التاريخية، ولم يُنقل عنهم أنهم احتفلوا
بليلة الإسراء والمعراج، ولو ثبت أنهم احتفلوا بها لنقلوه
إلينا نقلاً يُعتدّ به، حيث أنهم نقلوا عن نبيهم صلى الله
عليه وآله وسلم كـلّ شيء تحتاجه الأمة ولم يفرّطوا في
شيء من الدين، فكل خير في اتباع من سلف .
* حال المحتفليـن بها :
نرى أن المحتفلين بهذه الليلة متفاوتون في نوعية الاحتفال،
فبعضهم يجتمع في المساجد ويدعوا إليها ويوقد الشموع
والمصابيح فيها وعلى المنارات مع الإسراف والتبذير
في ذلك ، فيقيم الذكر والقراءة وتلاوة قصة المعراج ،
وبعضهم يذكَر الاحتفالَ بليلة الإسراء والمعراج ضمنَ
المواسم الشرعية وليس منها ، ويورد القصص والأحاديث
الضعيفة والواهية ، والبعض الآخر يسرد المقالات والأشعار
المحتوية على غلوّ ومبالغات ما أنزل الله بها من سلطان
كما أن البعض يجمع بين ذلك كله مصداقاً لقول الله تعالى :
(ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً )
[النساء:82]
ومن العجائب والغرائب أن منهم من ينشط ويجتهد في حضور
هذه المحافل البدعية، ويدافع عنها ويذب بكل ما أوتي من قوة،
يينما تراه يتخلف عمّا أوجب الله عليه من حضور الجمع
والجماعات، ولا يرفع بذلك رأساً، ولا يرى أنه أتى منكراَ
عظيماَ، فالله المستعان.
يرجى نشره في المنتديات و لكم الأجر
إن شاء الله فالله سبحانه لا يضيع أجر من أحسن عملا ونصر دينه